الغابة البشرية – محمد عبد المرضي منصور

يعيش بعض الناس كالأسود التي تعيش على اطراف الغابة لتجنب الصراعات لكنها تضطر إلى الصيد للأكل ولإطعام صغارها، كما تخنق الأسود الضحية ولا تأكل منها إلا بعد موتها فالرحمة لم تُنزع من قلوبها، كذلك لا يُمكن للإنسان العيش وحيدا، وبالرغم من بُعد الأسود عن الصراعات وعيشها على أطراف الغابة إلا أنها لا تسلم من الصيادين.
كما أنّ بعض الناس تعيش كالثعالب التي تنتهز الفُرَص وتتودد أحيانا للضحية حتى تنقض عليها كما أنها تنشط ليلا حيث أنها تخاف المواجهة فهي تجبن أن تواجه أي كائن في حجمها أو في قوَّتِها، ولا يسلَم منها من هو أضعف؛ لكن الصيادين يترصّدون لها للحصول على فرائها الثمينة.
وناس آخرون يعيشون كالكلاب البرية التي تعيش في جماعات لتصطاد الفرائس وتأكلها حية بلا رحمة، وهذه الكلاب البرية لها تكتيك عجيب في الصيد حيث تختار أضعف ضحية في قطيع الحيوانات ولا تأبه بوالدة أو بمولودها؛ كما أن الصيادين لا يتركونها وحالها بل هم في صراع دائم معها حيث يظننون أنها تشاركهم في أرزاقهم لأنها تتغذى على الحيوانات المحببة لهم.
كما يعيش يعض البشر كالفيلة التي تأكل الأعشاب والنباتات وتترك للصيادين الحيوانات التي يأكلونها وعلى الرغم من ذلك يستخدمها الصيادون في التنقل والبحث عن الصيد، ويقتلون العديد منها للحصول على العاج الثمين.
ومن العجيب أن يعيش بعض الناس كالقرود أو النسانيس أملًا أن يُلقي لهم الصيادون بعض الفاكهة فيعيشون حياة كحياة السيرك فيُؤدّون حركات بهلوانية للحصول على الطعام إلا أن الصيادين يصطادونهم للترفيه أو لبيعهم لبعض الناس آكلي لحوم القرود أو لبيعهم للباحثين العلميين.
ومن العجيب أيضا أن يعيش بعض الناس كالحمير تتحمل وتخدم آخرين ليُلقَى لهم أردأ الطعام بعد إنجاز مهمتهم؛ إنها حياة العبودية.
ومِن الناس مَن يعيش كالخيل مرتديا سرجا جميلا ويأكل طعامًا جيدا مقابل السماح للآخرين بالركوب على ظهره.
ومن الناس من يعيش كالطير التي تغدو خماصا وتعود بطانا فلا يرضون بالافتراس أو بالذل أو بالمهانة، فقط يتوكلون على الله حق توكله.
ولكن لا أحد يسلَم مِن الصيد أو الافتراس وليكُن كل منا كما يريد.





